على مشارف البلوغ


على مشارف البلوغ
قصص من السيرة الذاتية

تقديم للقصة.


على مشارف البلوغ أو بدايات البلوغ، هو أكثر 

 من مجرد تغير جسدي؛ إنه رحلة نفسية معقدة تتخللها مشاعر متضاربة وتحولات عميقة. البلوغ هو نقطة تحول رئيسية في حياة الإنسان، حيث يبدأ الجسم في النضوج ويبدأ العقل في فهم الحياة بشكل أعمق وأكثر تعقيدًا. خلال هذه المرحلة، يتغير الفرد، ليس فقط على مستوى الجسد، بل على مستوى النفس والروح. التغيرات التي تحدث يمكن أن تكون مخيفة في البداية، لكنها جزء لا يتجزأ من الوصول إلى النضج.

تبدأ الفتاة في مرحلة البلوغ بالتغير جسديًا ونفسيًا. تبدأ علامات النضوج في الظهور، ويصبح العالم من حولها مختلفًا، حيث تنتقل من عالم الطفولة البريء إلى عالم الأنوثة الذي يحمل في طياته الحرية والمسؤولية. تترافق هذه التحولات مع مشاعر مختلطة من النشوة والقلق، حيث تنمو الفتاة وتتحول إلى امرأة. هذا التحول يمكن أن يكون محيرًا، لكنه في نفس الوقت مليء بالإثارة والترقب.

تعيش الفتاة مشاعر متناقضة؛ بين الرغبة في النضوج والانغماس في عالم النساء، وبين الخوف من فقدان البراءة. تبدأ بإدراك معنى الأنوثة وتحلم بأن تعيش تلك اللحظات التي ترى فيها النساء الناضجات من حولها. فتتخيل نفسها مرتدية فستانًا ورديًا مزينًا بخيوط حريرية، وتتحرك بخطوات واثقة، غير مبالية بما يحيطها من همسات أو نظرات.

تبدأ الفتاة بالتأمل في حياتها بعد أن تدخل في مرحلة البلوغ. ترى الحياة كأنها سهلة الاجتياز، مثل كأس عذب الرشفة، لكن سرعان ما تدرك أن الأمور ليست بتلك السهولة. تشعر وكأنها محاصرة بجسدها الجديد الذي يتنفس عبق الأنوثة، ويبدأ الصراع بين جسدها الذي يريد استكشاف الأنوثة وبين نفسها التي لا تزال ترغب في البقاء في عالم الطفولة الآمن.

في هذه المرحلة، قد تشعر الفتاة بالحيرة بين الانجراف وراء الشهوة أو الحفاظ على براءتها. تصبح الحيرة جزءًا لا يتجزأ من تجربتها في هذه المرحلة الحساسة، حيث تتعامل مع جسدها الجديد بوعي أكبر وتفكر في المستقبل بطريقة أكثر نضجًا.

الفتاة في هذه المرحلة قد تتعرض لتجارب الشهوة، سواء عبر تجاربها الشخصية أو من خلال تفاعلها مع النساء الناضجات. تحكي لها إحدى النساء عن تجاربها الشخصية مع المتعة، وكيف أن هذا البحث المستمر عن الشهوة قد جعلها تدفع ثمنًا باهظًا. في هذا الحوار، تدرك الفتاة أن الشهوة قد تكون طريقًا مليئًا بالمخاطر إذا لم تتم السيطرة عليها. المرأة التي تتحدث معها تعترف بأنها مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)، ما يجعل الفتاة تتأمل في عواقب اتخاذ القرارات دون وعي.

تأتي اللحظة الحاسمة عندما تستيقظ الفتاة من حلمها لتجد أن دم الحيض قد بدأ، وهذا هو أول دليل جسدي على دخولها في مرحلة البلوغ. هذه اللحظة تجعلها تدرك أن البلوغ ليس مجرد تغير جسدي، بل هو أيضًا بداية لرحلة نفسية مليئة بالتحديات والمشاعر المعقدة.

في النهاية، البلوغ هو تجربة متعددة الأبعاد تجمع بين التحولات الجسدية والعاطفية، وتعلم الفتاة أن هذه المرحلة ضرورية لتحقيق النضج.

هيا بنا لنتابع أحداث قصة على مشارف البلوغ

كأي فتاة في عمري، كنت أستعجل قدوم البلوغ  لأستكشاف عالم البالغات. كان الأمر يبدو وكأنني أركب قطار الحياة الذي يسير بلا توقف، وها أنا أرى امرأة طويلة القامة، ممشوقة القوام، تمضغ علكة بهدوء وثقة. 

عطرها الفواح يملأ المكان، وهي ترتدي فستانًا ورديًا مزيّنًا بخيوط حريرية عند العنق والخصر، مفتوحًا من الظهر ويصل بالكاد إلى الركبتين. كان كل ما فيها ينضح بالأنوثة، لدرجة أن العيون كانت تلاحق كل خطوة تخطوها بإعجاب وانبهار.

لم تبالِ تلك المرأة بنظرات الناس أو همساتهم، كانت تسير بخطوات بطيئة وثابتة، كأنها تتفادى  الأشواك في طريقها. سحبت كرسيًا وجلست بجواري، تركت ابتسامتها العريضة وحيويتها في داخلي انطباعًا جميلًا.

 للحظة، بدت لي الحياة وكأنها نهر سهل العبور، وكأسا عذب الرشفة. بدأت أتأمل أعماقي وأحاول ترتيب أفكاري حول المستقبل، بينما بركان الأنوثة ثائر لا يهدأ. 

 يالهاذا الجسد لا ينفك يغريني بأن أشرب من كأس أنوثتي حد الثمالة!؟ لكنني  أحاول كبح هذه الرغبة وتأجيلها...

بينما كانت تجلس بجانبي، تبادلنا الحديث لفترة طويلة. روت لي قصصًا عن تجاربها في الحياة، وعن المعاناة التي واجهتها في رحلة البحث عن متعة العيش.

 في تلك اللحظة، شعرت بزلزلة، وتمنيت لو أنني بقيت طفلة صغيرة، أمي تمشط شعري وتحضنني في أمان. بل تمنيت لو أنني بقيت في رحمها، فهو كان لي المكان الأكثر رحمة.

في لحظة صدق، همست لي تلك المرأة وهي تحاول كبح دموعها :

-أنا أسيرة صدر مثقل بسنوات من الضياع، طاردت فيها الشهوات دون قيود، والآن تلاحقني لعنة تلك القرارات. حتى عندما أحاول التوبة، تعاودني الذكريات وتنغص علي راحتي، وتسرق مني بسمة ساعة الخلوة. أنا الآن مريضة... وأنا في مرحلة العد التنازلي لحياتي.

بينما كانت كلماتها تتردد على مسمعي، شعرت بألم شديد في أسفل بطني. استيقظت من نومي مذعورة لأجد أمي بجانبي، تطمئنني وتشرح لي أن الدم الذي يلطخ ملابسي هو علامة  بلوغ ليس إلا."

-ها أنت على مشارف البلوغ يا بنتي " قالت أمي.

تعليقات