مهنة المتاعب: معاناة الممرضات بين الضغط وسوء المعاملة

 

"ممرضة تتعامل مع حالات طارئة في المستشفى وسط ازدحام وضغط، مع تصاعد التوتر من المرضى والمرافقين."

مهنة المتاعب


مهنة المتاعب: معاناة الممرضات بين الضغط وسوء المعاملة 

كنت الى عهد قريب أعتقد أن الصحافة هي مهنة المتاعب الوحيدة ..لكن وبحكم احتكاكي الشديد بهذا الميدان ومهنييه، استطعت تكوين فكرة تصب في هذا الاتجاه. 
المحاكم ومخافر الشرطة تعج بدعاوى تقدمت بها ممرضات  ضد مواطنين  اعتدوا عليهن أثناء مزاولة عملهن أو خارج مؤسساتهن .
الانتهاكات كانت في الغالب الأعم تحدث في قسمي المستعجلات وقسم الولادة ..

كما هو معلوم أقسام المستعجلات تعج بحالات لا تعد ولا تحصى من المرضى والجرحى، بينما النقص مهول في عدد  الممرضين، يؤكد هذا إحصاءات وزارة الصحة  التي خلصت إلى أن  المغرب لا يتوفر إلا على 17.3 ممرض لكل 10.000 نسمة .وللمزيد من التفاصيل أنظر:صفحة مدار 21 

يتحمل الممرض ضغطا خاصا : 

  • قد يتأخر الطبيب أثناء معاينة حالات أكثر استعجالا في قاعة أخرى من نفس القسم أو في قسم أخر في نفس المستشفى فيثور المواطن في وجه الممرض ويكيله كل ألوان السب  وقد يتطور الأمر إلى اعتداء جسدي.
  • أحيانا يكتب الطبيب استمارة  لتحويل مريض إلى مستشفى أخر، ترفض العائلة ويرمي بالاستمارة في وجه الممرض الذي يحاول إقناع العائلة بضرورة تنفيذ الأمر لمصلحة المريض،ولكن الأمر يخرج عن السيطرة فيتم الاعتداء على الممرض...

الأسباب قد تكون بسيطة ولا تستدعى التصعيد إلى درجة الأذى اللفظي أو الجسدي ،فقليل من الصبر والحكمة من الطرفين قد ينهي الخلاف .

  • في قسم الولادة يتم استقبال حامل. تباشر الممرضة عملها، المرافقة أو المرافقات يبدين إصرارا على حضور عملية التوليد .أمام امتناع الممرضة، يتطور الأمر إلى السب واللعن وأحيانا الاعتداء الجسدي .

هذا الوضع غير مريح بالنسبة للممرضة ناهيك عن كونه غير قانوني .فهي تحت ضغط سوء الفهم  والتعنيف تباشر عملها في حالة نفسية قد لا تسمح لها بالقيام بعملها على أكمل وجه. هذا الوضع يتسبب في تعطيل مصالح حوامل أخريات في نفس وضع الحامل موضوع الحديث.

يعلم المواطن أن له حقوقا كما يعلم ان له واجبات تجاه الممرض وفي حال عدم معرفة المواطن بواجباته تختل الموازين .

سوء الفهم هذا مع عدم اطلاع المواطن على واجباته وحقوقه، يتسبب أحيانا  في نتائج كارثية .

  • وفي هذا الصدد أذكر قصة ممرضة، استقبلت امرأة حامل في ليلة من ليالي الصيف الحارة ، شغلت جهاز التكييف لخفض حرارة الغرفة  ومساعدتها على الوضع في جو معتدل. تمت الولادة في ظروف عادية. غادرت الممرضة المستشفى صباحا بعد انتهاء دوامها الليلي، فإذا بزوج السيدة  يلحق بها في الشارع ويكيلها أنواعا من الشتائم  والركل والصفع بدعوى  تشغيل المكيف  الشديد البرودة أثناء فترة مخاض زوجته .
  • سوء فهم اخرحدث على إثر ولادة طفلين ميتين في إحدى المستشفيات. عملية التوليد تمت في أيام مختلفة من الأسبوع وعلى يد ممرضتين مختلفتين   .

عائلة الطفلين هاجمت الممرضات.. هذا أطلق العنان لمسلسل عنف منقطع النظير بين سب وشتم ومحاولة ضرب وتهديد وجلب حشود من المواطنين للتظاهر أمام بوابة المستشفى . 

أصبحت أسماؤهن على كل لسان ... أعطت السلطات المعنية  الأمر حينها بإجراء تشريح لتحديد سبب الوفاة وكما تم  على مستوى المستشفى الرجوع الى الوثائق الرسمية المعمول بها والمصاحبة للمرأة الحامل منذ دخولها القسم إلى أن يتم الوضع .

بعد التمحيص والتدقيق والتحريات ,ثبت أن المواليد موضوع الحديث كانت حالتهم الصحية خلال تلك الفترة غير مستقرة مما وضع احتمال عدم قدرة المواليد الجدد الصمود حتى الولادة  .

صب  تقرير الطبيب الشرعي بعد التشريح  في نفس اتجاه تقرير المستشفى.فتمت تبرأتهن من التهم المنسوب إليهن .

إن سوء فهم المواطن لمجريات الأحداث في أقسام المستشفيات المختلفة يتسبب أحيانا  في أضرار جسيمة للممرض . وهنا أفتح قوسا للحديث على أثر هذه الحادثة على الممرضتين موضوع الحديث : 

 دخلت الممرضات موجة اكتئاب استعصت على العلاج، يعشن الان تحت رحمة الأدوية ومضاعفاتها  تلك التي دمرت حياتهن الأسرية : 

 الأطفال يعيشون شتاتا بين أم مريضة وشبه مختلة عقليا وأب مصر على الانفصال ،كل هذا لأن عائلات الموتى لم تتريث الى حينالبث في القضية . 

 هؤلاء المواطنون وهم يدافعون عن حق مشروع اعتمدوا أسالب غير مشروعة، نسوا أو تناسوا أن القانون في مثل هذه الحالات لا يرحم ،لأن الأمر يتعلق بأرواح بشر . يجب فقط التريث وترك القانون يأخذ مجراه.

نخلص من هذا الحديث أن وعي المواطن قيمة إنسانية .وفي غياب الوعي تصبح الدنيا غابة نقتص فيها من بعضنا البعض، لافرق في ذلك بين إنسان وحيوان ..لهذا ولغيره مما لم أذكر، أعتبر مهنة التمريض مهنة متاعب بامتياز...

            

تعليقات